مجلة دورية تصدر عن مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري

تسجيل الدخول العدد الجمعة ٢٢ - نوفمبر - ٢٠٢٤

الدكتور/ عبدالله الفوزان

الأمين العام

 

تتجدد كل عام في شهر ذي الحجة فضاءات الذاكرة والذكريات التي تتعلق بالفريضة الخامسة للإسلام، وهي الفريضة الأعمق تأثيراً والأكثر حضوراً في لقاءات المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، حيث تكون مكة المكرمة والكعبة المشرفة وبيت الله
الحرام ومنى وعرفات والمدينة المنورة مهوى أفئدة المسلمين الذين يتوافدون لأداء فريضة الحج من مختلف بقاع العالم، حيث يقول الله عز وجل في محكم آياته: ﴿الْحَجُّ أَشُْهرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَاَ رَفَثَ وَلَ فُسُوقَ وَلَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَُّ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ اتَّقُونِ يَا أُولِي الَْلْبَابِ﴾. )البقرة 197 (

وترز في كل عام الأدوار الكبرى الي تقوم بها المملكة العربية السعودية في خدمة حجيج بيت الله المعمور وزواره، حيث تحظى الأماكن والمشاعر المقدسة على امتداد تاريخ المملكة بعناية فائقة من التطوير والبناء، وتيسير سبل الحج بداية من
عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود  طيب الله ثراه  ومرورا بأبنائه البررة من بعده ملوك المملكة العربية السعودية، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله . 

وتعمل المملكة دائماً على رعاية حجيج بيت الله، حيث لا تتوقف ما بين كل فترة وأخرى عن توسعة الحرمين، وتقديم كل ما يؤدي إلى راحة وأمان الحجاج من أجل تمكين قاصدي بيت الله من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة عبر منظومة متكاملة من
المشاريع الكبرى، من تهيئة للطرق وإقامة دور الإيواء والرعاية الصحية والجسور والقطارات، بما يساهم في إظهار القيمة الحضارية والثقافية للإسلام، ويرز جهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، والعناية بهم لأداء مناسكهم بكل محبة ورضا.

إن شعائر الحج والصورة الذهنية الإيجابية لأداء المناسك تظل باقية في ذهن كل حاج مسلم، سواء من حجاج الداخل أم من الحجاج القادمين من مشارق الأرض ومغاربها، فهي تشكل أهم حدث في حياة كل مسلم، وهي الأمنية الأولى التي يسعى إليها، ومن هنا تتوالد ذاكرة الحج، وتتجدد مع تجدد الأجيال والعصور. 

إن موسم الحج فضاً عن كونه موسمًا دينيًّا، يشكل كذلك موسماً تاريخيًّا وتراثيًّا وثقافيًّا وحضاريًّا، يلتقي فيه المسلمون من أنحاء الأرض، من مختلف اللغات والثقافات في تواصل روحي لا مثيل له على الأرض، محققاً بذلك وحدة روحية وحضارية للمسلمين جميع في مختلف أنحاء العالم.

شارك

يجب ان تكون مسجلا لكي تتمكن من التعليق